responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 87
وَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِجُمْلَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، أَيْ نُفَصِّلُ الدَّلَائِلَ عَلَى الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ تَفْصِيلًا كَهَذَا التَّفْصِيلِ وُضُوحًا بَيِّنًا، وَجُمْلَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [الرّوم: 24] اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ. وَالْقَوْمُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ هُمُ الْمُتَنَزِّهُونَ عَنِ الْمُكَابَرَةِ وَالْإِعْرَاضِ، وَالطَّالِبُونَ لِلْحَقِّ وَالْحَقَائِقِ لِوَفْرَةِ عُقُولِهِمْ، فَيَزْدَادُ الْمُؤْمِنُونَ يَقِينًا وَيُؤْمِنُ الْغَافِلُونَ وَالَّذِينَ تُرَوَّجُ عَلَيْهِمْ ضَلَالَاتُ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ تَنْكَشِفُ عَنْهُمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الدَّلَائِلِ الْبَيِّنَةِ.
وَفِي ذِكْرِ لَفْظِ قَوْمٍ وَإِجْرَاءِ الصِّفَةِ عَلَيْهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا إِلَّا مَنْ كَانَ الْعَقْلُ مِنْ مُقَوِّمَاتِ قَوْمِيَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [164] ، وَتَقَدَّمَتْ لَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ. وَالْقَوْلُ فِي إِيثَارِ وَصْفِ الْعَقْلِ هُنَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَوْصَافِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ كَالْقَوْلِ فِيمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً إِلَى قَوْله يَعْقِلُونَ [الرّوم: 24] .
وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ بِالْمُتَصَلِّبِينَ فِي شِرْكِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْعُقُولِ، وَلَيْسُوا مِمَّنْ يَنْتَفِعُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ [العنكبوت: 43] وَقَوْلِهِ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [الْبَقَرَة: 171] .
وَقَوْلُهُ كَذلِكَ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [الْبَقَرَة: 143] .
[29]

[سُورَة الرّوم (30) : آيَة 29]
بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (29)
إِضْرَابٌ إِبْطَالِيٌّ لِمَا تَضَمَّنَهُ التَّعْرِيضُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [الرّوم: 28] إِذِ اقْتَضَى أَنَّ الشَّأْنَ أَنْ يَنْتَفِعَ النَّاسُ بِمِثْلِ هَذَا الْمَثَلِ فَيُقْلِعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْهُمْ عَنْ إِشْرَاكِهِمْ وَيَلِجُوا حَظِيرَةَ الْإِيمَانِ، وَلَكِنَّهُمُ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَمَا تُسَوِّلُهُ لَهُمْ نُفُوسُهُمْ وَلَمْ يَطْلُبُوا الْحَقَّ وَيَتَفَهَّمُوا دَلَائِلَهُ فَهُمْ عَنِ الْعِلْمِ بِمَنْأَى. فَالتَّقْدِيرُ: فَمَا نَفَعَتْهُمُ الْآيَاتُ الْمُفَصَّلَةُ بَلِ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست